هل آن الأوان أن تعود دفة قيادة إدارة الأمن الوطني إلى يد الشرطة الوطنية، بعد ما يقارب أربعة عقود ظلت فيها المؤسسة تحت إمرة ضباط من الجيش؟ سؤال بات يفرض نفسه بقوة مع اقتراب إحالة المدير العام الحالي، الفريق محمد الشيخ ولد محمد الأمين (برور)، إلى التقاعد، بعد مسيرة طويلة.
لقد تعاقب على إدارة الأمن الوطني منذ رحيل المفوض أحمد ولد اميشين، سلسلة من القيادات العسكرية، وهو ما وُصف في حينه بخيار استراتيجي لإعادة الهيكلة وضمان الانسجام مع بقية الأسلاك النظامية، غير أن هذه المقاربة بدأت تُثير نقاشاً متجدداً حول مدى جدواها، في وقت أصبحت فيه الحاجة ماسة لقيادة تمتلك معرفة دقيقة بطبيعة الجهاز الأمني وتفاصيل عمله اليومي.
الأصوات المطالبة بإعادة المنصب إلى الشرطة الوطنية تزداد ارتفاعاً، مستندة إلى حجج ترى أن إدارة الأمن الوطني تحتاج إلى مسؤول متمرس نشأ في أروقة الجهاز، وعايش تحدياته الميدانية، وفهم تعقيداته الداخلية، بدل الاكتفاء بالخبرة العسكرية العامة.
هذا التوجه يعكس رغبة في استعادة روح المؤسسة وربطها بقيادتها الطبيعية.
يذكر أن إدارة الأمن اعتمدت في الفترة الأخيرة هيكلة جديدة باتت بموجبه رتب القطاع توازي نظيراتهما في القطاعات الأخرى.
وصادق مجلس الوزراء على النظام الأساسي للشرطة الوطنية، مؤكداً أن هدف التعديل هو إيجاد "إطار قانوني منظم للشرطة الوطنية ينسجم مع القوانين التي تحكم الأجهزة العسكرية والأمنية الوطنية".
وأضافت أن النظام الأساسي يشكل نقلة نوعية، فهو يجعل من الممكن تحديد مسار وظيفي محفز وواضح وشفاف، يتراوح من الاكتتاب إلى التقاعد، وكذلك إعادة تنظيم وهيكلة قوات الشرطة المختلفة.
ولفتت الحكومة إلى أن النظام الجديد يهدف إلى سد العديد من الثغرات السابقة، وضمان مسار مهني محفز وواضح لموظفي الشرطة، وتنظيم الأسلاك بما يسمح بتقدم سلس ويضمن الحقوق، وتوافق الإطار القانوني للشرطة مع الأنظمة العسكرية، وتحسين التكوين والتأهيل المستمر لموظفي الشرطة.
وأكدت أنه يضم بعض الإجراءات الجديدة، من بينها توسيع مهام الشرطة لتشمل المرور والسلامة الطرقية، التي كانت ضمن مهام أمن الطرق، واستحداث رتب جديدة مثل مراقب عام، ومفتش عميد لتعزيز الهيكل الإداري.
ومع اقتراب لحظة التغيير، يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيشكل تقاعد الفريق برور محطة فاصلة تتيح عودة جهاز الشرطة إلى قيادة مصيره بنفسه، أم أن التوجه نحو الخيار العسكري سيظل سائداً رغم التحولات والضغوط المتزايدة؟