طريق بلنوار انواذيبو والخطر المستجد/ عثمان جدو

مما لا شك فيه أن الطرق المسفلتة والمواصلات الحديثة عموما لها فوائد لا تكاد تعد ولا تحصى؛ فقلد أصبحت هذه الوسائل ضرورة من ضرورات الحياة، فمن خلالها يتنقل الناس فرادى وجماعات عبر وسائل سريعة ومريحة إلى كل وجهة محبوبة أو عمل مُحتم أو لقضاء حاجة لازمة.

لقد دأبت مصالح الدولة المختصة في هذا المجال خلال السنوات القليلة الماضية وفي الأيام الحالية التي نعيش لحظاتها لله الحمد وله المنة على إنشاء وصيانة الطرق؛ تعبيدا وتجسيرا، وتدعيما وصيانة، ولا فجاءة في ذلك؛ فالدولة من أوجب الواجبات عليها التدخل لإشباع حاجات مواطنيها الملحة، ومن آكد ذلك ما يُسهل حركة المواطنين ومركباتهم بأمان وينقل بضائعهم بسلاسة وسرعة؛ وفي سبيل إنجاز هذه الطرق تصرف الدولة أموالا طائلة، حاصلة من دفع الضرائب وبذل المقدرات والكنوز التي حبى الله بها بلادنا، وبالتالي فإن ترشيد هذه المصادر من أولى الأولويات... ونحن إذ نتناول اليوم في حديثنا طريق بلنوار انواذيبو وما طرأ عليه من أخطار،ناجمة أو مصاحبة على الأصح؛ لإنجاز مشروع آخر عملاق، وهام، وضروري، ألا وهو مشروع تزويد العاصمة الاقتصادية انواذيبو بالماء الصالح للشرب عن طريق بلنوار، وهو مشروع استراتيجي هام جدا جدا؛ ولا ينبغي أبدا أن يصاحبه أو يتولد عنه ما يحصل به التشويش على نتائجه المتوخاة والتي من أهمها إرواء عطش انواذيبو، وإنهاء معاناته مع إطلالة كل صيف.

إن من أظهر المنغصات التي يمكن أن تشوش على تزويد انواذيبو بالماء الصالح للشرب؛ تلك المرتفعات الناتجة عن بقايا الصخور والأتربة فوق الأنابيب الكبرى التي نتجت أثناء عملية الحفر والردم؛والتي أصبحت مصدرا أساسيا لإنتاج ألسنة رملية وتثبيتها على ظهر الطريق المسفلت، مما يعيق حركة السيارات؛ خاصة الصغيرة منها والتي يعتمد عليها الأهالي في تنقلاتهم البين حضرية، وهذه الكثبان تكبر ويستفحل أمرها كلما أتى على المنطقة يوم عاصف؛ ولحظتها تتهدد سلامة المواطنين وتُعرض حياتهم للخطر الكبير، مما يحتم الالتزام بمقتضى دفاتر الالتزام عند البدء في تنفيذ المشروع والذي لا شك أنه نص على تسوية الأرض بعد انتهاء انجاز المشروع إلى سابق صورتها، مع أنه كان من الأولى قبل بدء المشروع أن تكون الدراسات أخذت بالحسبان أفضلية حفر الخنادق الحاضنة للأنابيب إلى جهة البحر وليس إلى جهة السكة الحديدية؛ حتى وإن قال قائل أن الشبكة القديمة كانت إلى الجهة الموالية للسكة الحديدية وأن ما حدث هو تجديد للشبكة مع تتبع نفس المسار، فإن هذا هو ما خلَّف هذه المعضلة الشائبة التي أصبحت بموجبها آليات إزالة التربة تعمل ليل نهار كي تحُدَّ من الخطر الذي ينجم عن بقاء الأتربة على ظهر الطريق.

وحتى عملية إزالة التربة لم تتخذ لها الطريقة المثلى للتخلص منها وإبعاد ضررها؛ فمثلا عندما تحمل الآليات التربة الموجود على الطريق من جهة الشمال لا تذهب بها بعيدا عن الطريق جنوبا مما يولد ستارا ودفئا وحاضنة تزيد من بقاء التربة على قارعة الطريق؛ وبالتالي ستظل المعضلة دائمة الوجود مع ضمان التفاقم يوما بعد يوم، هذه الإجراءات الترقيعية التي تعتبر حلولا جزئية لا تقضي على لب المشكل إنما تفك قيده لأيام أو أسابيع؛ وسيظل الجهد مبذولا دون نتيجة نهائية مخلصة؛ وبالتالي فإن هذا النوع من الحلول اللانهائي والذي كان شائعا إبان إشراف رجال أعمال خصوصيين على صيانة الطرق، ومرده بالإساس بقاء الأسباب المعيقة كروافد لتغذية النشاط وعدم السعي في وجود الحل النهائي لأن معه تنتهي الأعمال وتتوقف الآليات عن حلب خزينة الدولة لصالح المشغل الخصوصي!!.

لقد تغير الحال وأصبحت الشركة الوطنية لصيانة الطرق هي التي تتولى إزاحة هذه الرمال والمخاطر عن الطرق السيارة والحساسة؛ وعليه فإنه أصبح من اللازم تغيير هذه العقلية، وتلك الأنماط الرجعية التي تصب في مصلحة خاصة فحسب بل تخرب البنية التحتية للأوطان، لقد آن الأوان لاعتماد حلول ناجعة،وسريعة، ونهائية لهذه المشكلة المتعلقة بالرمال المتحركة والتربة الزاحفة نحو ظهر الطريق الحيوي والحساس؛ ولن يكون ذلك قبل القطيعة التامة مع الأساليب القديمة التي تعتمد على بقاء الحال على ما كان عليه.

إن من أهم أساليب الوقاية والعلاج لهذه المعضلة:

أولا: القيام بحملة تشجير كبرى لتلك المنطقة من أجل خلق حزام بيئي آمن في منطقتي العَيْوجْواصْويصْيَة أساسا الواقعتين بين بلنوار وانواذيبو، ويستحسن اعتماد كل ما يدعم الانتشار الأفقيللأشجار لا النمو العمودي.

ثانيا: تسوية الأرض تماما الموجودة بين الطريق والسكة الحديدية؛ وإزالة تلك الربى التي ولدها الحفر الأخير والردم الرديف له بعد زرع الأنابيب المياه.

ثالثا: إزالة الكثبان والمرتفعات التي نتجت جنوبا (إلى جهة البحر) عند تحويل التربة عن طريق الجرافات والآليات المستخدمة لإزالة الرمال عن الطريق؛ ويستحسن إبعادها عن الطريق مسافة 100 متر على الأقل.

إن ترك بعض الشوائب والمنغصات ترافق هذه المشاريع الكبرى يُكدر صفْو الإنجاز ويحدُّ من قيمته الإجمالية ويُقوض تأثير طموح فخامة رئيس الجمهورية للوطن؛ الذي أراد من خلاله لهذه المشاريع أن تكون علامة فارقة في عقد الإنجاز، لا نقطة ضائعة في سلسلة الإهمال، فبسواعد أبناء الوطن البررة تُصان الجهود ويثمر الإنجاز، وبالخذلان يفشل المنجز حين يؤمل منه النجاح.

 

j